سارقة الارواح
EGP200
الندمُ خلفَك فلا تنظر للوراء، انزلقَتِ السُّنُون وتراكمَتْ خلفَ ظَهْرِك وأنتَ لا تدري. تظنُّ أنَّك تبني لغدك فتنسى حاضرَك بين جدرانِ وأروقةِ الشركاتِ متعددة الجنسيات، ستعرف مؤخَّرًا أنك محضُ رقمٍ يمكنُ مَحوُه بضغطةِ زِرّ ستة وثلاثون عامًا تستعذبُ السجنَ الاختياريَّ في هذا الصَّرْح الكبير، لا تبحث قَطُّ عن الفرار منه وكأنه الملاذ من أعباء الحياة. وعندما تفيقُ تجدُ نفسَها وقد ألقَتْ بحُلْمِها في سَلَّة المهملات. كُلُّ ذلك يدورُ برأسِ نيفين عبد الهادي وهي تتذكَّر كيف استغرقها العملُ حتى نَسِيَت حياتها بين أروقة الشركة، لماذا أصبح رفقاءُ الأمسِ أعداءَ اليومِ بعد أن أحرقَتْ مراحلُ الشَّكِّ والخوفِ رموزَ الصداقة. ولكن عبثًا، فقد أدركت ذلك بعد فوات الأوان. فلا تعاتب أحدًا بل عاتِبْ نفسَك لأنك وضعت لها الأغلالَ طواعيةً وبلا أدنى مقاومة. قرَّرتَ أن تُصبح عبدًا تهبُ عمرَك للشركات. الكياناتُ الضخمةُ كالثُّقُوبِ السوداء، تجذبُنا فنُهرَع إليها مفتونين، نرجوها أن تبتلعَنا ونفعلُ المستحيلَ لنذوبَ بداخلها، حتى تأتي على كُلٍّ منَّا لحظةٌ يدركُ فيها أنه حَجَرٌ صغيرٌ في مدينةٍ عابثةٍ لا يُفتقَدُ إن غاب، تصعقُه المفاجأةُ فيُمعِنُ عندها في الغوصِ في أعماقِ هذا السَّديمِ الذي لا يعرفُ له ملجأً سواه. سارقةُ الأرواحِ هي روايةٌ تُعرِّي المؤسساتِ لتتضامنَ مع كُلِّ ضحايا الرأسماليَّة من المُوظَّفين، المُهمَّشين الجُدُد. تُخفِي بين سطورها قضايا الفسادِ الإداريّ في الكثيرِ من الشركاتِ، وحِيَل الفاسدين في تطويعِ ثغراتِ قانونِ العملِ لصالحهم.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.