ربيع الغابة
EGP200
أيها الملك العظيم أودّ أن أحكيَ لك عن الضغوط التي أمرُّ بها، مطارق تصفع رأسي من كلّ حدبٍ وصوبٍ، وأنا أبذل جهدي كي أتّقي كلّ هذه الصفعات، غير أنّي أخشى أن تتكسّر على رأسي يومًا ما. أخشى على رأسي يا مولاي، وهو كلّ رأس مالي. متى يا مولاي أعيش بهدوء وسكينة؟ متى أمسك الحياة من يدها؟ متى سأدخل فيها باطمئنان وأمان بعيدًا عن الحذر، فالريح لا تنظر وراءها أبدًا. سأبدأ صفحة جديدة، سأعتبر كلّ ما قيل مجرّد وهم عابر، وسأعرض عليها محبّتي بتودّد، وأرى ماذا تقول، سأحدّق فيها، وأسبح كموجة نشوى ضائعة، ستحكي العيون حكايات، فهي شرفة القلوب، غير أنّ عصافير القلب جبانة، تفرّ من أول دمعة. لن أسكب دموعي أمامها بعد اليوم، لن أمنحها تنهّداتي وعبراتي، سأحتفظ بأحزاني لنفسي، لعلّها تشعر بنبض هذا القلب التعب الذي يخفق لها فقط. قد ترفض، وقد يرفض الملك أيضاً التدخّل في أمور خاصّة لا تعنيه، فهي حرّية أن نختار من نحبّ. سأذهب للملك أعرض عليه همّي ومصائبي، لقد تألّمتُ كثيرًا وأنا على حافّة اليأس، ومن المهمّ أن أجد من يستمع لي، فغالبًا ما نسْمع ولا يسمعُنا أحد. سأقول له: “سقطاتي لا تدعوهم للنهوض، فأين ألتمس الغوث! إنّ الهواء الذي نستنشقه ملكٌ للكلّ، فلِمَ نعطي فرصة لأحد ليمنعنا عنه!؟ كما إنّها -يا مولاي- هوائي ومائي وعلّتي، دائي ودوائي، فإلى من ألجأ؟ وبمن ألوذ؟ كم أحتاج لأشمّ هواءً عليلًا، لأتجدّد، وأصبح أكثر شبابًا وحيويّة، أكثر محبّة وانتشاء، أحتاج أن أرعى تربتي حتى تشبّ وتكبر، ثمّ أبعثرها في الهواء، لتنبت لنا تلك الرهافة الدائمة”. أخيرًا سأقول له: “إلى متى تشتدّ عليّ الريح؟ من يقف وراءها، ولماذا لا تهدأ؟
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.