الخباء

عاودتني فكرة الهرب، وكانت ثلاث نوافذ صيفية ضخمة مفتوحة، كل واحدة تكاد تصل السقف. أبواب ضخمة، لكنها مرشوقة بالأعمدة الحديدية المتداخلة فلا يعبر فيها إلا البعوض الذي يطنُّ بشراهة، ولا تخرج منها إلا الأنفاس المتوترة. تَسَحَّبْتُ من الباب الموارب، ربما أستطيع فتح مزلاجه، لكن الفكرة أقلقتني، كان أضخم من أن أتصور فتحة.. تَسَحَّبْتُ، وعدت، لكن في طريق عودتي تعثرتُ بجسد “سردوب” المسجَّي على السجادة في الرواق الكبير، “ساسا” منكمشة في أحضانها، اختبأ جسداهما تحت الطاولة الضخمة التي يعلوها موقد الضوء الخافت. جذبتُ “ساسا” برفق فأبعدتُها قليلاً، ثم دسستُ جسدي في حضن “سردوب”. تحسستُ ذراعها ووضعتُ رأسي عليه. كانت أنفاسها دافئةً رتيبةً، وكفها يمسِّد خصلات شعري، وعيناها مازالتا مغمضتين، لكنها طبطبت بكفِّها على ظهري، فبدأ النعاس يهبط. “الخباء”، 2002، فازت الرواية بجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب لأفضل رواية عربية، وتم اختيارها حديثا في قائمة أفضل مائة رواية عربية من قبل مركز أبو ظبي للغة العربية. تُرجمت لأربعة عشر لغة وطُبعت في عدة طبعات، ونالت الكثير من الكتابات النقدية والدراسات الأكاديمية عربيا وعالميا.