عمائم وطرابيش وكلمات: قراءات في العلامة
$7
الكلمات والنجوم والفنون والنصوص والأديان والأطعمة والألعاب… كُلُّ هذه علاماتٌ ولغات، صحيح أنها ذات أنظمة مختلفة، ولكنها جميعًا تُشكِّل «تَعدُّديَّة الثقافة» التي تميز مجتمعًا ما عن غيره من المجتمعات.. فالعلامات تُحيط بنا ونحيط بها. نُنتجها لنتعرَّف إلى العالم من حولنا، ونُطلق الأسماء ليصبح العالم موضوعًا للفهم والتشكيل، أو بتعبيرٍ أبسط ليصبح ثقافةً نؤثِّر بها في الآخرين.. ولا تقتصرُ العلاماتُ على ما ندركُه في الواقع فحسب؛ ولكنها ترافق خيالنا حين يُحلِّق بعيدًا عن الواقع، فنسير معها وبها في دروبٍ غير منظورة؛ نبتكر بها ما لا وجودَ له في الواقع، فيصبح غير الموجود موجودًا، ويغدو المُتخيَّل واقعًا وجزءًا من خبرتنا وتجربتنا؛ فعلى جسد العلامات يلتقي الواقع بالخيال والخيال بالواقع. والقدرةُ على إيجاد العلامات وتسمية الأشياء مَلَكةٌ بشريَّةٌ لا حـدَّ لتأثيرها.. فبالعلامات نعي ونتخيَّل ونبتكر ونضع القيَم والأصول التي تضبط إيقاع حياتنا.. وبها – أيضًا – نُعرِّف أنفسنا، ونتحدث عن هُويَّتنا. بالعلامات نتحضَّر ونتمدَّن، وبها نتَّفق ونختلف ونتواصَل ونتشارك المعارف والفنون. لا يقدمُ هذا الكتابُ معرفةً نُخْبَويَّةً بحقل «السِّيميوطِيقا الثقافيَّة»؛ فهو لا ينخرط في النِّقَاش النَّظَريّ حول مفهوماتها وتياراتها، ولكنه يقدِّم ممارسةً حيَّةً لعالَم العلامات كما نشاهده ونعيشه، وكما نُسهم في إنتاجه والترويج له، وكما نتأثَّر به ويؤثِّر فينا.. وهذا يعني أننا نتبنَّى مفهومًا مُوسَّعًا للنص، يتجاوز الحدود الضيقة التي حصرته في النصوص الأدبيَّة أو في المُدوَّنات المكتوبة والشفاهيَّة بشكلٍ عام، يتَّسع النص هنا ليشمل كُلَّ ما يؤدي دورًا مُهمًّا في الثقافة، كاللوحة والعمارة والملابس والألعاب والكلمات.. وعليه فهو مشغولٌ بكل ما يشغلُك من ظواهر الحياة وعلاماتها التي تجدُّها من حولك في كل مكان.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.