روسيا فى المدى الطويل

لا يشارك تكوين ثم توسع الدولة القيصرية الروسية حتى شملت المحيط القاري الأورو-آسيوي تكوين الإمبراطوريات الاستعمارية الغربية في جوهر طابعه. فقد تم بناء الإمبراطوريات الغربية في إطار تكوين النظام الرأسمالي العالمي، بحيث أن هذه الإمبراطوريات أقيمت من الأصل على أساس التباين بين مراكزها السائدة (بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، وغيرها) وتخومها المسود عليها.. وتجلّي التضاد اللامتساوي المنهجي الخاص بالعولمة الرأسمالية في شكل الكولونيالية. هذا بينما لم يتم انضمام المحيط القاري الأورو-آسيوي في الدولة القيصرية الكبرى على مثل هذه الأسس الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية. فتمثل روسيا الكبرى نمط دولة متعددة القوميات قائمة بذاتها ومختلفة جوهريًا عن الإمبراطوريات الاستعمارية الرأسمالية. مثّل انتصار ثورة ١٩١٧ قطيعة فعلية في تحول روسيا التاريخي ثم ومهما كان تقييمنا لطابع المجتمع السوفيتي إلا أنه ظل طوال تاريخه ومن الأصل خارج المنظومة العالمية الرأسمالية ومستقلًا عنها. ولم يخرج عن العزلة التي فرضتها عليه الكتلة الإمبريالية إلا متأخرًا من خلال تحالفه مع شعوب الجنوب المناضلة من أجل إقامة دولها المستقلة انطلاقًا من منتصف الخمسينيات. والآن يطمح منطق التوسع الرأسمالي المعاصر إلى فرض هيمنة المركز الإمبريالي الثلاثي الغربي على الكوكب بأكمله. ولذلك فهو يعارض مشروعات الدول الساعية في سبيل تكريس درجة من الاستقلال في مواجهته، ومنها روسيا الجديدة.