بياعين الفرح
$5
وأنا غض غرير، على رأي شاعر المهجر إيليا أبوماضي في قصيدته الشهيرة (لست أدري)، التي غناها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ في فيلم “الخطايا”، كنت لسنوات لا أذكر عددها أقف متسمرًا قبالة محل كبير للأثاث الفاخر في شارع قصر العيني بالقرب من منزلي، لم يكن وقوفي لتأمل محتويات المحل تمهيدًا للشراء والاقتناء، فلا سني ولا إمكانياتي الإدراكية كانت تسمح لي بالتفكير في الأثاث والمستلزمات المنزلية أصلًا، لكني كنت أحدق عاليًا تجاه لافتة المحل، ثم أكمل سيري بضع خطوات مبتعدًا عن المحل، وأعود مرة أخرى إلى أن ينتبه أحد عمال المحل لصبيانيتي فيتحرك من غور المحل تجاهي أو يوهمني بذلك فأسرع الخطى ثم أعيد الكرة مرة أخرى. كانت اللافتة الضخمة المثبتة فوق باب المحل التي تشغلني، مكتوبًا عليها بالحروف التي تعلمتها حديثًا في المدرسة “ماهوجني”، وهو نوع من الخشب اختاره صاحب المحل عنوانًا لمنتجاته – كما عرفت بعد سنوات – وهذا العنوان كان يثير خيالي جدًا، لأن الخطاط الذي كتب هذه اللافتة يبدو أن ميولًا استعراضية كانت لديه، وقد رأى أن هذه الكلمة البسيطة لن تسمح له بالإعلان عن موهبته لذا قرر أن يترك مسافة صغيرة بين كل حرفين، فصارت الكلمة هكذا “ما هو جني”.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.